في زمن تتسارع فيه التهديدات الرقمية وتزداد خطورتها على المؤسسات والأفراد، كشفت بيانات حديثة أن 88% من الخروقات الأمنية المسجلة خلال عام 2024 كان سببها الخطأ البشري، ما يؤكد أن المشكلة لا تتعلق بالأنظمة فقط، بل بوعي المستخدمين أيضًا. ومن هنا برزت مبادرة جديدة تقودها شركة كاسبرسكي بهدف نشر ثقافة الأمن السيبراني من مقاعد الدراسة الجامعية.
كاسبرسكي أعلنت عن إطلاق دورة تدريبية مجانية عبر الإنترنت تحمل اسم المستوى التمهيدي في الأمن السيبراني، وهي موجهة لطلاب الجامعات في سنواتهم الأولى بغض النظر عن تخصصاتهم. المبادرة تسعى إلى إدراج مفاهيم الأمن الرقمي ضمن التعليم الأكاديمي لتمكين الجيل الجديد من الثقة والمهارات الأساسية التي تجعله خط الدفاع الأول في مواجهة المخاطر المتنامية.
الأمن السيبراني لم يعد مسؤولية أقسام تقنية المعلومات وحدها، بل أصبح جزءًا من مسؤولية الجميع، خصوصًا مع اعتماد القطاعات المختلفة على البنية التحتية الرقمية بشكل متزايد. ولهذا ترى كاسبرسكي أن رفع وعي الطلاب في بداية مشوارهم الأكاديمي يساهم في بناء قوى عاملة مؤهلة قادرة على حماية البيانات والأصول الرقمية في المستقبل.
الدورة التي أعدها خبراء الشركة تتكون من 26 درسًا قصيرًا تتراوح مدته بين 5 و30 دقيقة، وتشمل موضوعات أساسية مثل المفاهيم الجوهرية للأمن السيبراني، أساليب المهاجمين وأنواع الهجمات، مجالات الأمن الرقمي، إضافة إلى استشراف مستقبل هذا المجال. كما تقدم إرشادات عملية للطلاب الراغبين بالعمل في تخصصات الأمن السيبراني وتوضح المهارات المطلوبة لسوق العمل.
ولتعزيز الفائدة، تتضمن الدورة اختبارات تقييم ذاتي بعد كل وحدة، ويحصل الطلاب الذين يتجاوزون اختبار التقييم النهائي بمعدل يفوق 70% على شهادة إتمام معتمدة من كاسبرسكي. وتتاح الدورة للجامعات عبر تحالف أكاديمية كاسبرسكي الذي يتيح للمؤسسات التعليمية إدماج محتوى الدورة بسهولة ضمن برامجها الدراسية.
هذه المبادرة لا تقتصر على توفير دورة تدريبية فقط، بل تمثل استثمارًا إستراتيجيًا يهدف إلى بناء ثقافة أمنية متينة، فمع تعقّد الهجمات الإلكترونية وتطورها، لم يعد الحل محصورًا في برامج الحماية التقنية، بل في الإنسان الواعي القادر على التعامل مع البيانات بوعي ومسؤولية.
التعليم اليوم هو السلاح الأقوى لضمان مستقبل رقمي آمن، ومن خلال مثل هذه الخطوات، يمكن تحويل طلاب الجامعات إلى خط الدفاع الأول، ليصبحوا الحُماة الحقيقيين للعالم الرقمي في الغد.