رغم كل الجدل والقلق من هيمنة الذكاء الاصطناعي على الوظائف، تشير دراسة جديدة من جامعة ييل إلى أن الواقع مختلف تمامًا، فحتى الآن لا توجد أدلة قوية على أن هذه التقنية أحدثت اضطرابًا فعليًا في سوق العمل.
فريق بحثي من مختبر الموازنة في ييل تابع التغيرات في سوق العمل الأمريكي منذ ظهور ChatGPT في نوفمبر 2022 وما تلاه من نماذج ذكاء اصطناعي توليدي أخرى، وخلصت نتائجه إلى أن سوق العمل لم يشهد تغييرات ملموسة تتماشى مع المخاوف المتصاعدة حول أتمتة الوظائف. التقرير أوضح أن بعد مرور 33 شهرًا من إطلاق ChatGPT، لم يحدث التراجع الذي توقعه كثيرون في فرص العمل عبر القطاعات الاقتصادية.
تصاعد المخاوف ارتبط بالسرعة الكبيرة التي ينجز بها الذكاء الاصطناعي المهام، إضافة إلى تحذيرات بعض قادة هذا المجال، مثل داريو أمودي الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic الذي أشار إلى احتمال تقليص الوظائف المكتبية البسيطة إلى النصف خلال 5 سنوات، وكذلك سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI الذي أصدر تصريحات مشابهة. وزادت هذه المخاوف مع خطوات اتخذتها شركات كبرى مثل IBM وSalesforce التي قلصت أعداد موظفيها، وأخرى مثل Fiverr التي ربطت بعض عمليات التسريح بالذكاء الاصطناعي، في حين أجرت مايكروسوفت دراسة تحدثت عن الوظائف الأكثر عرضة للتأثر لكنها لم تصل إلى استنتاج بخصوص إلغاء الوظائف.
دراسة ييل ليست الأولى في هذا السياق، ففي 2023 أكدت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي على الأرجح لن يحل محل معظم العمال، كما بينت دراسة في الدنمارك أن التقنية لم تؤثر على الأجور أو فرص العمل بشكل ملموس. ودراسة أخرى نُشرت في فبراير أظهرت أن التأثيرات على سوق التوظيف متواضعة، فبينما تراجع الطلب على بعض المهن ارتفع على مهن أخرى بفضل زيادة الإنتاجية في الشركات التي اعتمدت الذكاء الاصطناعي.
لكن الصورة ليست موحدة بالكامل، إذ أشارت دراسة من جامعة ستانفورد إلى أن خريجي الجامعات في مجالات أكثر عرضة للتأثر مثل تطوير البرمجيات شهدوا انخفاضًا بنسبة 13% في معدلات التوظيف مقارنة بزملائهم في المهن الأقل عرضة.