يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة ومعه يزداد القلق من قدرته على السيطرة على البشر، وقد طرح الباحثون والمحللون نظريات مختلفة حول كيفية التعامل مع التهديدات المحتملة لهذا الذكاء المتقدم، لكن جيفري هينتون، الذي يُعتبر الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، يرى أن الحل ليس بمحاولة أن تكون الرئيس، بل بأن تكون الطفل، بمعنى آخر، يجب على البشر معاملة الذكاء الاصطناعي كأم، فالأم لا تؤذي أطفالها.
في حديثه بمؤتمر Ai4 في لاس فيغاس هذا الأسبوع، شدد هينتون على أن البشر بحاجة لبناء ذكاء اصطناعي يحمل “غريزة الأمومة”، بحيث حتى مع زيادة قوته وذكائه يظل محافظًا على البشر ويراعي مصالحهم بدلاً من اعتبارهم مجرد أدوات يمكن التضحية بها، وقال لموقع بيزنس إنسايدر، علينا أن نجعلهم يهتمون بنا حتى عندما يصبحون أقوى وأذكى منا.
ويشرح هينتون سبب هذه الاستراتيجية البسيطة، فمع تطور أنظمة ذكاء اصطناعي فائقة الذكاء، من شبه المؤكد أن هذه الأنظمة ستطور أهدافها الخاصة بالبقاء والسيطرة، لذا بدلاً من محاولة السيطرة عليهم، وهي فكرة وصفها بأنها مجرد خيال “محبي التكنولوجيا”، ينبغي تصميم ذكاء اصطناعي يعامل البشر كما تعامل الأم طفلها.
وأضاف هينتون النموذج الصحيح هو النموذج الوحيد الذي لدينا لشيء أكثر ذكاءً يتحكم فيه شيء أقل ذكاءً وهو أم تتحكم فيها طفلها، وإن لم يكن ليربيني، فسيحل محلّي.
وليس هذا أول تحذير يطلقه هينتون بشأن مخاطر الذكاء الاصطناعي، فقد حذر لسنوات من أن تفوق الآلات على الذكاء البشري قد يجعل من المستحيل منعها من تحقيق أهدافها الخاصة حتى لو تعارضت مع أهداف البشر، وذكر سابقًا أن احتمال تصادم الذكاء الاصطناعي مع البشر قد يصل إلى نسبة بين عشرة وعشرين في المئة وقد يؤدي إلى استبدال البشرية أو القضاء عليها في المستقبل.
ويستخدم هينتون عادةً استعارات لتوضيح مخاطر الذكاء الاصطناعي، ففي مقابلة مع قناة سي بي إس نيوز وصفه بتربية “شبل نمر لطيف”، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يكون غير مؤذي الآن، لكنه مع نموه قد يصبح خطيرًا، وقال ما لم تكن متأكدًا تمامًا أنه لن يريد قتلك عندما يكبر فعليك أن تقلق.
ومع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي، تستثمر شركات مثل OpenAI وجوجل وMeta بكثافة لتطوير نماذج لغوية كبيرة أكثر ذكاءً، ليس فقط أذكى، بل لتأسيس الذكاء الاصطناعي العام، وهو مستوى من الذكاء يمكن فيه للنماذج أن تكون بنفس كفاءة وذكاء أذكى البشر.